د. أحمد ردمان
في مسيرة المجتمعات تتفاوت المقادير القيمية بين هذا المجتمع أو ذاك. ولعل المحدد الأبرز في ذلك هو الإيمان بتلك القيم من حيث المبدأ، أو توقع النفع من التعامل الايجابي معها، وحين تكون نواتج التعامل مع القيم على حساب مصالح طرف ما فإن ذاك مؤشر على انحدار ذاك الطرف وتدني مستواه الإنساني.
ولعل السلام من أهم القيم الإنسانية التي تضمن للإنسان حياة تليق بتكريمه وتعطيه مساحة للعمل لاكتساب حقوقه وتحقيق أهدافه. والحق أن لمنطق السلام جاذبية لدى البشر الأسوياء، وبالمقابل فإنه صوت نابٍ ومقزز لدى البعض من البشر المختلّين قيميا وحينها فإن جهودهم في مقاومة السلام ستبقى ما بقيت مصلحتهم مرتبطة بالحرب، وهذا ما يراه العالم في جماعة الحوثي الإمامية التي تخاف من السلام كلما اقتربت منه فيكون الضرب بالصواريخ البالستية لمدينة مارب هو الجواب الذي يعبر عن كينونة هذه الجماعة الكهنوتية، وذلك لعلمها بأن السلام بوابة لاستعادة حقوق اليمنيين من السلالة الدعية، وليقينها بأن مكانتها في ظل السلام لن تساوي صفرا في مجتمع اليمنيين الأسوياء وذاك ما يجيب عن تساؤل داخلي وخارجي بشأن رفض الحوثيين للسلام.
إن دعاة السلام في بيداء السلالة لن يجدوا استجابة إيجابية كون الحرب لدى السلالة مشروع حياة وطوق نجاة، ودماء اليمنيين بالنسبة لهم هي المصدر الأهم لاستدامة مشروعهم في الحكم، وتلك حقيقة يجب أن يقرأها العالم الخارجي والمجتمع الداخلي وبما يحتم على الأطراف المعنية القيام بدعم الجيش الوطني كونه الكفيل بتحقيق السلام بعد أن يكسر شوكة الإمامة ويعيدها إلى حجمها الطبيعي الذي تقبل معه أن تعيش بين اليمنيين بسلام، أما حال النشوة الإمامية الحالية فإن مطالبتهم بالرضوخ لمنطق السلام ماهي إلا صيحة في واد ونفخا في رماد.
صحيفة ٢٦ سبتمبر