مع انعقاد قمة المناخ العالمية في منتجع شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، تبرز اسئلة مهمة وحيوية بالنسبة للمناخ كقضية تتضخم يوماً بعد أخر اصبحت قضية على درجة من التعقيد على مستوى العالم.
وتتمثل تعقيدات قضية المناخ، أولاً من ناحية علمية صرفة وهو وجود خطر حقيقي على المناخ نتيجة افعال الأنسان مثل استخدام الطاقة الأحفورية ( فحم – نفط – غاز).
واذا اخذنا الولايات المتحدة كمثال وهي أحد اهم الدول الصناعية كيف يتم تناول قضية المناخ سياسياً.
نجد ان قضية المناخ أصبحت من القضايا الهامة في التداول السياسي ومع التقدم المعرفي الكبير للولايات المتحدة الا ان ذلك لم يجدي نفعاً فقد ظلت الهوة كبيرة بين الحزب الديمقراطي والجمهوري فيما يتعلق بالانبعاث الحراري.
فالحزب الديمقراطي يولي اهتمام كبير للقضية حتى أصبحت جزء من منظومته الايدلوجية خلال الثلاثة العقود وكانت ادارة الرئيس الأسبق كلنتون قد وقعت على اتفاقية كيوتو التي تنظم الى حدما تخفيض الانبعاث الحراري.
وكان نائب الرئيس القور واحد أهم منظري القضية من خلال كتابه الأرض بيتنا، بينما تجاهل الجمهوريون القضية كلياً واقدمت ادارة بوش الأبن على الانسحاب من اتفاقية كيوتو، أن هذه النظرة بين اجنحة السياسة الأمريكية تحكمها المصالح.
ولأن الجمهوريين لديهم علاقة كبيرة بقطاع الطاقة داخل الولايات المتحدة وخارجها، يقابل ذلك عدوانية مفرطة من قبل الديمقراطيين وربما يرجع هذا السلوك للخصومة السياسية.
ومن هنا عكست السياسة نفسها على القضية والقت بظلال من الشك على القضية برمتها من ناحية معرفية صرفة، حيث ظل الجمهوريون ينكرون كلياً تأثير فعل الأنسان على وجود مشكلة ومن جهة اخرى ينكرون وجود الظاهرة والتفسيرات العلمية لها..
لقد اخذنا النموذج الأمريكي كمثال ربما ينسحب على معظم دول العالم ويشمل الدول المنتجة للطاقة والمستهلكة على حد سواء.
وأعود للموضوع من زاوية أخرى بين الدول النامية وهي دول الجنوب في معظمها ودول الشمال الصناعية وربما دول الشرق.
ان الدول النامية ليست سبب في المشكلة، وهناك تصور حول هذه المجموعة بحيث تقدم لها الدول الصناعية الغنية دعم برامج وطنية تستهدف تحسين المناخ بزيادة المساحات الخضراء ومكافحة التصحر وتنمية الموارد المائية.
مصر التي استضافت القمة وهي من الدول النامية تخطط للحصول على دعم في هذا المجال بحوالي 250 مليار يستمر حتى العام 2030م.
دول العالم العربي تواجه اشكاليات لا حصر لها في هذا الجانب مثل التصحر ونقص الموارد المائية وتقلبات المناخ مثل الفيضانات التي قد تحدث تدمير للبنية التحتية بين عشية وضحاها.
لا يمكن الولوج لحل هذه المشكلات في الظروف الراهنة حيث يعاني 40% من سكان العالم العربي من انهيار سياسي واقتصادي كلي على اثر موجات الربيع العربي ونتائجه.
وهناك دول عربية لديها القوة السياسية والاقتصادية التي تمكنها من العمل بفاعلية مثل السعودية وبقية مجلس التعاون، فالسعودية مثلاً لديها اكبر مشروع لزيادة المساحات الخضراء بزرع عشرات المليارات على مستوى العالم، باختصار ان عاملين مهمين يحددان اسهامات الدول الاستقرار السياسي وقوة الاقتصاد.
ان الدول التي تملك هذه العوامل سيكون لديها القدرة الفعلية لتحسين وضع المناخ والبيئة المحلية وقد تتبنى مشاريع كبرى قد تساهم هذه المشاريع في معالجة الأثار السلبية ( الاحتباس الحراري) عالمياً.
وهذا يعني ببساطة ان الدول العربية التي عصف بها الربيع العربي تتمثل أولويتها في اعادة الاستقرار.
ولأننا في العالم العربي عانينا كشعوب من عواصف الربيع نقول بوضوح ان هناك مثالية زائفة، لقد تناولت في البداية.
مثالية الحزب الديمقراطي الذي يدير البيت الأبيض اليوم، وفي الوقت نفسه هذا الحزب كان له دور مؤثر في الانهيارات التي خلفها الربيع.
بمعنى ان جوهر القضية مفقود كلياً بالنسبة لمعانة الشعوب المنكوبة بالربيع.